ملحوظات بشأن المسائل الرئيسية المتصلة بعقود الحوسبة السحابية (أعدَّتها أمانة لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي، ٢٠١٩)
الجزء الثاني- صياغة العقد
ألف- اعتبارات عامة
حرية التعاقد
إنَّ مبدأ حرية التعاقد المعترف به على نطاق واسع في مجال المعاملات التجارية يسمح للأطراف بأن يبرموا عقداً ويحددوا محتواه. وقد تنشأ التقييدات المفروضة على حرية التعاقد عن تشريعات تتعلق بالأحكام غير القابلة للتفاوض المنطبقة على أنواع معينة من العقود، أو عن قواعد تفرض جزاءات على إساءة استعمال الحقوق والإضرار بالنظام العام والإخلال بالمعايير الأخلاقية وما إلى ذلك. وقد تتراوح عواقب عدم الامتثال لتلك التقييدات من عدم قابلية العقد أو جزء منه للإنفاذ إلى تحمُّل مسؤولية مدنية أو إدارية أو جنائية.
تكوين العقد
يُستخدَم مفهوما العرض والقبول تقليديًّا لتقرير ما إذا كان الطرفان قد توصَّلا إلى اتفاق بشأن حقوقهما والتزاماتهما القانونية التي ستكون ملزمة لهما طوال مدة العقد، ومتى توصَّلا إلى ذلك الاتفاق. وقد يفرض القانون المنطبق شروطاً معينة يتعين استيفاؤها لكي يمثل الاقتراح الداعي إلى إبرام العقد عرضاً نهائيًّا ملزماً (كأن يكون الاقتراح محدَّدا بما فيه الكفاية بشأن ماهية خدمات الحوسبة السحابية المشمولة وأحكام الدفع).
ويُعتبر العقد مبرماً عندما يصبح قبول العرض نافذاً. وقد تكون هناك آليات قبول مختلفة فيما يخص الزبون (على سبيل المثال، بأن يَنقُر على خانة اختيار في صفحة شبكية، أو بأن يسجل اسمه إلكترونيا على الإنترنت لالتماس خدمة حوسبة سحابية، أو بأن يبدأ باستعمال خدمة حوسبة سحابية، أو يسدد رسوم الخدمة؛ وفيما يخص مقدِّم الخدمات، بأن يبدأ بتقديم الخدمة أو يواصل تقديمها؛ وفيما يتعلق بكلا الطرفين، بأن يبرما عقداً على شبكة الإنترنت أو على الورق). وقد تشكل التغييرات الجوهرية المدخلة على العرض (فيما يتعلق، مثلاً، بالمسؤولية أو بنوعية وكمية خدمات الحوسبة السحابية المراد تقديمها أو بأحكام الدفع) عرضا مقابلا يَلزَم أن يقبله الطرف الآخر لكي يُبرَم العقد.
للاطلاع على نصوص الأونسيترال التي تتناول التوقيعات الإلكترونية، انظر اتفاقية الأمم المتحدة بشأن استخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية (نيويورك، ٢٠٠٥)، وقانون الأونسيترال النموذجي بشأن التجارة الإلكترونية (١٩٩٦)، وقانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية (٢٠٠١). وانظر أيضاً النص التوضيحي الذي أعدته أمانة الأونسيترال بعنوان "تعزيز الثقة بالتجارة الإلكترونية: المسائل القانونية الخاصة باستخدام طرائق التوثيق والتوقيع الإلكترونية على الصعيد الدولي (٢٠٠٧)".
وكقاعدة عامة، تُعرَض الحلول السحابية المنمَّطة والمسلَّعة المتعددة المشتركين من خلال تطبيقات تفاعلية (مثل اتفاقات "انْقُرْ واسْتَلِمْ"). وقد لا يكون هناك أيُّ مجال للتفاوض على العرض المنمَّط وتعديله، أو قد يكون هناك مجال ضيق لذلك. فالخطوة الوحيدة المتوقع اتخاذها لإبرام العقد هي النقر على خانة "أَقْبَل" أو "مُوافق" أو "أُوافق". وفي حالة التفاوض على عقد، قد تتألف عملية تكوين العقد من سلسلة خطوات، تشمل التبادل الأولي للمعلومات والتفاوض وتقديم العرض وقبوله وإعداد العقد.
شكل العقد
عادة ما تُبرَم عقود الحوسبة السحابية على شبكة الإنترنت. وقد تُطلق عليها تسميات مختلفة (اتفاق خدمة حوسبة سحابية، أو اتفاق خدمة أساسي، أو أحكام تقديم الخدمة (TOS))، ويمكن أن تتألف من وثيقة واحدة أو أكثر، مثل سياسة الاستعمال المقبول (AUP)، واتفاق مستوى الخدمة (SLA)، واتفاق لمعالجة البيانات أو سياسة لحماية البيانات، وسياسة خاصة بالأمن، واتفاق ترخيص.
وقد تشترط القواعد القانونية المنطبقة على عقود الحوسبة السحابية أن تكون العقود في شكل كتابي، خصوصاً عندما ينطوي العقد على معالجة بيانات شخصية، وأن تُرفق بالعقد الأساسي جميع الوثائق المدرجة فيه بالإشارة إليها. وحتى عندما لا يُشترط الشكل الكتابي، قد يقرر الطرفان إبرام العقد كتابيًّا مع إرفاق جميع الاتفاقات الفرعية به، تسهيلا للرجوع إليه وتوخيا لوضوحه واكتماله وقابليته للإنفاذ وسريان مفعوله.
وقد يشترط القانون المنطبق إبرام عقد ورقي لأغراض معيَّنة، كالأغراض الضريبية مثلاً، وإن كان هذا النوع من الاشتراطات أخذ يصبح نادراً في بيئة تتسم أكثر فأكثر بطابع غير ورقي.
التعاريف والمصطلحات
نظراً لطبيعة خدمات الحوسبة السحابية، تحتوي عقود الحوسبة السحابية بالضرورة على كثير من التعابير التقنية. ويمكن أن يُدرَج في العقد مسرد للمصطلحات، وكذلك تعاريف للتعابير الرئيسية المستخدمة في جميع أحكام العقد، منعاً للالتباس في تفسيرها. وربما يود الطرفان أن ينظرا في استخدام مصطلحات راسخة على الصعيد الدولي، ضماناً للاتساق والوضوح القانوني.
المحتوى المعتاد للعقد
من شأن العقد عادةً: (أ) أن يبين هوية الطرفين المتعاقدين؛ و(ب) أن يحدد نطاق العقد وموضوعه؛ و(ج) أن يحدد حقوق الطرفين والتزاماتهما، بما فيها أحكام الدفع؛ و(د) أن يحدد مدة العقد وشروط إنهائه وتجديده؛ و(ه) أن يبين سبل الانتصاف في حال الإخلال بالعقد، وحالات الإعفاء من المسؤولية؛ و(و) أن يحدد آثار إنهاء العقد. وعادة ما يتضمن أيضاً بنودا تتناول تسوية المنازعات واختيار القانون المنطبق واختيار محفل التقاضي. وقد تتباين العقود تبايناً شديداً من حيث المحتوى والأسلوب والهيكل تبعاً لاختلاف التقاليد القانونية وأساليب الصياغة والمقتضيات القانونية واحتياجات الأطراف وأفضلياتهم.